مراجعة كتابي “العرب وعصر المعلومات” و”الثقافة العربية وعصر المعلومات”

30 06 2014

ربما لم نكن لنسمع  باسم “نبيل علي” لولا تلك الصدفة السعيدة والتحول الغريب الذي جعل طيارا مدنيا يتحول لدراسة البرمجيات ويصمم أول برنامج كمبيوتر عربي لشركة صخر، لكن ربما كان لهذا الشخص أبلغ الأثر فيما حدث في منطقتنا من أحداث في الآونة الأخيرة.

لم يشارك “نبيل علي” -كما قد يتبادر لذهن البعض- في أي من ثورات ما يسمى بالربيع العربي لكنه نظر وربما تنبأ بكثير من مدخلاته ومعطياته في أكثر من كتاب من كتبه وأشهرهما: “العرب وعصر المعلومات” و “الثقافة العربية وعصر المعلومات” والمنشورين ضمن سلسلة عالم المعرفة في إبريل 1994م وديسمبر 2001م عل التوالي.

في الكتاب الأول “العرب وعصر المعلومات” يورد المؤلف العديد من المصطلحات عالية التخصص والتي اشتق هو كثيرا منها في دعوة منه لاستكشاف مناطق جديدة والضرب في أرض بكر لم تمسسها يد عربية من قبل في محاولة فريدة للخروج عن المألوف واستكشاف عوالم جديدة.

وفي الكتاب الثاني “الثقافة العربية وعصر المعلومات” نجد:

* “ما أشد حاجتنا إلى الثوار وما أكثر حديثنا عن الثورات” ص 36

* الثنائيات: ديموقراطية أم سيكرة حكومات، عدالة اجتماعية أم استقطاب اجتماعي، الانترنت أم غربة عن الواقع، حوار ثقافات أم صراع حضارات، بيروقراطية غاربة أم معلوقراطية بازغة. ص 95

* مصطلح الخائلي Virtual حيث قا نبيل علي بنحته بديلا عن الخيالي أو الوهمي أو الافتراضي ص 103

* لا يختلف اثنان على أن الرغبة في التواصل مع الغير هي نزعة متأصلة لدى الانسان. ص 105 مما مهد السبيل وبشر بظهور شبكات التواصل الاجتماعي و”الجماعات الخائلية” ص 105

أما مسك الختام ففي كلمة المؤلف التي أنهى بها كتابه قائلا: ليكن سؤال البداية: من أين نبدأ؟ قناعة الكاتب أن البداية في التربية والمدخل إليها هو اللغة وركيزة كليهما هي الثقافة، ثقافة تكامل المعرفة وصدق الإيمان وكلاهما مرتهن بتوافر الحرية.

بالطبع لم يخل الكتاب من انتقادات موجهة إليه وخاصة الثاني حيث أثار المؤلف الكثير من اللغط وخاصة عند التحدث عن مواضيع بعيدة جدا عن تخصصه ولعل ذلك راجع بالدرجة الأولى لتأثره بآراء بعض من الحداثيين العرب وتوجهاتهم التغريبية أمثال نصر حامد أبو زيدن محمد أركون، -جمال البنا، حسن حنفي، محمد عابد الجابري، أسامة الخولي، محمود أمين العالم، جابر عصفور، صلاح فضل ومن أمثلتها دعوى عدم حرمة الغناء (ص 488) ونقده للصحافة الدينية (ص 392).





الاختراق الثقافي

15 03 2014

أثناء عملي في الصيدلية رأيت روشتة لأحد الأطباء الكبار في القاهرة وما لفت انتباهي أن الشارع على اسم اجنبي يدعى سواجارت ولوهلة حدقت فيها، ليس لأن الاسم أعجمي (وهذا بالطبع عار علينا لكن ليس هذا هو المقصود هنا)  لكن لأن هذا السةجارتت المذكور هو أحد أكبر المنصرين على مستوى العالم!!!!!

ف”جيمي سواجارت” المولود عام 1935م  يمتلك إحدى أكبر المحطات التلفزيونية التنصيرية في العالم والأدهى والأمر قد اعترف تفصيليا بعلاقته الجنسية مع إحدى البغايا   العاهرات منذ فترة قريبة على شاشة قناته، ولعلنا نتذكر اسمه أكثر من المناظرة الشهيرة لأحمد ديدات والذي هزمه فيها الشيخ أحمد هزيمة نكراء وألزمه بحجج كثيرة وتحداه أن يقرأ مقاطع من الانجيل المحرف أمام الجمهور وذلك لاحتوائها على عبارات تخدش الحياء العام.

أبعد هذا كل هذا التاريخ المظلم نسمي شارعا في بلادنا  وكأننا نعترف له بالفضل والجميل!!!فعلا إننا مخترقون حتى النخاع وإني إذ أضم صوتي لبقية الأمة المطالبة باستعادة هويتها الثقافية والدينية وإعادة النظر في تسمية شوارع ومنشآت بلادنا تسمية تتناسب مع عقيدتنا وديننا الحنيف وألا نمجد أشخاصا يفترض بنا  أن نفضح ممارساتهم وأخلاقهم المنحطة والله ولي التوفيق.





جائزة الملك فيصل العالمية

7 11 2013

لم يكن فوز “غريغوري بول وينتر” بجائزة نوبل بجائزة نوبل في الكيمياء لهذا العام (2018م) مفاجأة وخاصة بعد إنجازاته الكبيرة في مجال كيمياء البروتين والأحماض النووية، لكن ما لفت الإنتباه هو فوز هذا العالم بجائزة الملك فيصل العالمية للطب عام 1995م، مما يعطي قصب السبق لهذه الجائزة الرائدة التي تأسست عام 1977م  في خمسة مجالات هي خدمة الإسلام، والدراسات الإسلامية، والآداب والدراسات اللغوية. وقد منحت الجائزة أول مرة عام 1399 هـ، 1979م، ثم أضيفت إليها جائزتان بعد ذلك في مجال الطب عام 1402 هـ، 1981م، ومنحت في العام التالي، وفى مجال العلوم عام 1403 هـ, 1982م، ومنحت في عام   1404 هـ / 1984م.   أعطاها قصب السبق في تقدير العلم والعلماء.

وليس هذا بالشيئ الجديد، فتاريخ جائزة الملك فيص رحمه الله حافل بمن حازوا جائزة نوبل بعد فوزهم بجائزة الملك فيصل العالمية بفترة قد تزيد إلى ما يقرب من العشرين عاما أو تقل إلى ما دون العامين، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:

* جيرد بينج (فيصل علوم، 1984) (نوبل، فيزياء، 1986)

* هنري روهرر (فيصل، علوم، 1984) (نوبل، فيزياء، 1986)

* أحمد زويل (فيصل، علوم، 1989) (نوبل، فيزياء، 1999)

* ثيودور هينش (فيصل، علوم 1989) (نوبل، فيزياء، 2005)

* سيدني برانر (فيصل، علوم، 1992) (نوبل، طب، 2002)

* ستيفن شو (فيصل، علوم، 1993) (نوبل، فيزياء، 1997)

* كارل باري شابلن (فيصل، علوم، 1995) (نوبل، كيمياء، 2001)

* غونتر بلوبل (فيصل، علوم، 1996) (نوبل، طب، 1999)

*جيمس إدوارد روثمان (فيصل، علوم، 1996) (نوبل، طب، 2013)

* إريك كورنيل (فيصل، علوم، 1997) (نوبل، فيزياء، 2001)

* كارل ويمان (فيصل، علوم، 1997) (نوبل، فيزياء، 2001)

* غريغوري بول وينتر (فيصل، طب، 1995) (نوبل، كيمياء، 2018)

وغيرهم.

وبهذا يتضح لنا مدى مساهمة هذه الجائزة العالمية في تقدير العلم والعلماء، ونأمل بأن تحوز نفس الشهرة في باقي فروعها : خدمة الإسلام، اللغة العربية والأدب، الدراسات الإسلامية.

بقي في الختام أن نذكر أن من اللطائف ان د/ أحمد زويل قد حاز جائزة الملك فيصل للعلوم عام 1409 هـ / 1989م كما ذكرنا آنفا وهو نفس العام الذي حاز فيه والد زوجته د/ شاكر الفحام على نفس الجائزة لكن في فرع اللغة العربية والأدب ، وبهذا تكون السيدة ديما زويل (الفحام) قد حاز كل من والدها وزوجها على هذه الجائزة في فرعين مختلفين في نفس العام.





لبن الأطفال الصناعي

29 09 2013

يعاني الكثيرون فيما يسمى زورا ببلدان العالم الثالث مما يعرف بسوء التغذية والذي هو: “الاستهلاك غير المتوازن من المواد أو المكونات الغذائية” والذي يختلف عن نقص التغذية والذي هو: “نقص أو فقر في كمية السعرات الحرارية و/أو البروتين الذي يحصل عليه الشخص في اليوم”. ترجع الأبحاث أحد أهم أسباب سوء التغذية لفترة الرضاعة لدى الأطفال، حيث تلجأ كثير من الأمهات لتغذية أطفالهن باللبن الصناعي دون استشارة طبيب متخصص وذلك إما اعتقادا منهن أن اللبن الطبيعي لديهن لا يكفي حاجة أطفالهن  أو أن الصناعي منه يحتوي مغذيا أكثر أو لأسباب أخرى.

في البداية يجب أن نعلم أن هذه الاعتقادات قد ترسبت في أذهاننا نتيجة للقصف الإعلامي من قبل شركات صناعة الأغذية -ومن ضمنها شركات صناعة الألبان- من جهة ومن جهة أخرى نتيجة لنقص البيانات الصحيحة لدينا ولافتقار المكتبة العربية للمراجع المهمة في هذا الموضوع الحيوي. كان الدافع الأكبر والمحرك الأساسي لهذه الاعتقادات هو الفرضية المالتوسية نسبة للاقتصادي الانكليزي توماس مالتوس (1766 – 1834) حيث افترض أن عدد السكان يتزايد بمتوالية هندسية (1، 2، 4، 16، …) بينما تتزايد مواردنا بمتوالية حسابية (1، 2، 4، 8، …)، فلابد وحنما من حدوث مجاعة على سطح هذا الكوكب في القريب العاجل. ألقت هذه الفرضية بظلال اليأس مانحة مسحة قاتمة على كل شيء في عالمنا بدءا من موضوعنا هذا -لبن الأطفال- ومرورا باقتصاديات الدول من الغذاء والدواء والكساء ونسي الجميع أوتناسى وعد الملك “ولقد مكنكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معيش قليلا ما تشكرون” آية 10 سورة الأعراف، وتغاضى الجميع عن تدمير الدول المصدرة للغذاء والمنتجات لجزء من انتاجها كي تحافظ على أسعار السلع من الانخفاض!!! فالمشكلة إذا مشكلة سوء توزيع وليست مشكلة قلة إنتاج.

كان لابد من هذه المقدمة لنفهم أساس موضوعنا وندرك أبعاده جيدا قبل أن نتناول موضوع تغذية الأطفال، ولعل أفضل من يحدثنا عن هذا الموضوع هو كتاب “صناعة الجوع: خرافة الندرة”،  لمؤلفيه “فرانسيس مور لابييه” و”جوزيف كولينز”  حيث يضعان أمامنا بعض المفاجآت المرعبة في الفصل المعنون ب “فضيحة لبن الأطفال” ومنها:

* معدل الوفاة في البلدان المتخلفة بين الأطفال الذين يتغذون على الرضاعة الصناعية يبلغ نحو ضعف المعدل بين الأطفال الذين يرضعون من الثدي، صفحة 370

* الانخفاض السريع في التغذية بلبن الأم خلال العقدين الماضيين قد سبب انخفاض متوسط العمر الذي يبدأ فيه سوء التغذية من ثمانية عشر شهرا إلى ثمانية شهور في عدة بلاد أجريت عليها الدراسات، صفحة 371

* لبن الأم ليس متوازنا بطريقة مناسبة في البروتينات والدهون فقط، بل كذلك يأتي بالمكملات ضد العدوى (الجلوبيولينات المناعية Immunoglobulins) البالغة الحساسية في ظروف حياة غير صحيحة، صفحة 372

* الأشهر الأولى من العمر حاسمة في النمو الطبيعي لمخ الرضيع، صفحة 373

* الأمهات اللائي لديهن مشكلات إرضاع خطيرة (تمنعهن من إرضاع أبنائهن بصورة طبيعية) أقل من 1%،

بعد العبارات السابقة التي تلقي الضوء على بعض الحقائق في هذا الموضوع نصدم حين نجد أن شركات صناعة ألبان الأطفال الصناعية تستغل في دعايتها جهل بعض الأمهات وخوفب بعضهن الشديد على أطفالهن لتسويق ما أسمته: “الغذاء الصحي المتكامل” وذلك عن طريق إفقادهن الثقة في اللبن الطبيعي الذي تتمثل بعض مزاياه فيما يلي:

# لا يحتاج لتجهيزات معقدة لتحضيه مثل اللبن الصناعي،

# لا يحتاج لظروف تخزين محددة مثل اللبن الصناعي،

# نقل العدوى فيه في حدوده الدنيا بعكس اللبن الصناعي،

# تتغير تركيزات المواد المغذية فيه حسب حاجة ونمو الرضيع بل وحتى في أوقات اليوم الواحد،

# العامل الاقتصادي فيه أوفر بمراحل من اللبن الصناعي،

# العامل النفسي: الرباط بين الأم ورضيعها يساعد في النمو النفسي لهما،

# تتوافر فيه الأجسام المناعية خاصة في الأسبوع الأول من الرضاعة فيما يعرف باسم لبن السرسوب (اللبأ) والذي يحتوي على الأجسام المناعية اللازمة لحماية الطفل من العدوى والإسهال.

بعد ما سبق أعتقد أنه لن تقدم أي أم تخاف على رضيعها على إرضاعه بغير اللبن الطبيعي.

=مراجع للإستزادة=

* صناعة الجوع: خرافة الندرة، تأليف: فرانسيس مورلابييه، جوزيف كولينز، ترجمة: أحمد حسان عبد الواحد، مراجعة، فؤاد زكريا، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، 1983م

* لبن الأم غذاء ووقاء، محمد الحسيني عبد السلام، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2007م

* خرافة المالتوسية،

* الأمومة: نمو العلاقة بين الأم والطفل، فايز قنطار، سلسلة عالم المعرفة، الكويت





البامفلت

19 11 2010

دار حيث بيني وبين أحد الأصدقاء حول النشرة الداخلية المرفقة مع علبة الدواء وقد فوجئت به عندما أبدى رأيه بأنه يفضل ألا تكون مكتوبة باللغة العربية!! تعجبت لذلك جدا وسأللته عن السبب فأجاب أنه عندما تكون تلك الوريقة مكتوبة باللغة العربية فإنه يجد أن المريض لا يريد أخذ هذا الدواء وذلك لخوفه من الأعراض الجانبية المذكورة فيها.

والحقيقة أن هذه مسألة شائكة بعض الشيء، فالنشرة الداخلية أو البامفلت “pamphlet” أو النشرة التوضيحية أو أيا ما كان اسمها يفترض بها أن تعطي أمانا للمريض لتعاطي الدواء وهو عالم أنه مخصص لمعالجة اضطراب معين أو مرض معين فيكون استعداده للشفاء أعلى كما أنها تدل على احترام الشركة للمريض والمتخصص باعطاءه بيانات قلت أو كثرت عن الدواء. ولتفادي الأثر النفسي غير المرغوب فيه للمريض عند قراءته للأعراض الجانبية للدواء أقترح التالي:

أن تكون النشرة مكتوبة على الأقل بلغتين: العربية والإنكليزية بحيث تكون الأخيرة موجهة للمختص (الطبيب والصيدلي) ومكتوبة بالتفصيل وبلغة علمية بينما تقتصر الأولى على ذكر الأمور الرئيسية والمحورية وتكون بلغة مبسطة. لابد من وجود النشرة باللغة العربية وإن لم نحترم نحن لغتنا فكيف نتوقع من الآخرين أن يحترمونا ويحترموا حضارتنا وثقافتنا، وكم أحزنني أكثر من مرة أن أجد دواءا من تصنيع شركة مصرية أو عربية ولا تتوافر فيه ترجمة عربية بينما أجد دواءا من تصنيع شركة أجنبية تهتم بالترجمة العربية وتستخدم ألفاظا فصيحة!!

هنا أود أن أصارحكم بأمر أود أن يظل سرا بيننا وهو أني مصاب بعادة مزمنة ألا وهي هواية جمع النشرات الداخلة لكل دواء جديد وحفظها لدي لتكوين ما يشبه قاعدة بيانات أرجع إليها عند الحاجة، وفي هذه الحالة أن يجد المريض نشرة باللغة العربية أو حتى بالإنكليزية!! أعترف أن في هذا بعض البخس لحق المريض بمعرفة نوع الدواء الذي يتعاطاه ولكني أعتقد أن فائدة معرفتي بالدواء وتأثيراته واتساع نفع ذلك ليشمل مرضى عديدين أهم من معرفة مريض واحد بنوع الدواء الذي يأخذه.

على كل حال، رأيت مؤخرا نشرة داخلية أعجبتني ولم أر مثلها من قبل وهي لدواء غالي الثمن كانت فيه البامفلت على جزئين شبه منفصلين بالطريقة التي تتصل بها طوابع البريد بعضها بعض وعندما يود الطبيب أو الصيدلي أن يأخذ هذه النشرة فإنه يقوم بفصل الجزء الخاص بالمريض ويكون عادة على هيئة سؤال وجواب ويتركه في علبة الدواء لكي يقراها المريض يويقوم بالاحتفاظ بالجزء العلمي الخاص لنفسه والذي لو قرأه المريض فلن يستوعب منه شيئا حتى لو كان يستطيع التحدث بالإنكليزية.

طبعا هذه فكرة جمية وتستحق التطبيق، لكن كما أسلفت لم أرها مطبقة إلا في دواء واحد فقط وحتى يتم تعميمها ما على المريض إلا أن يرضخ للأمر الواقع عندما لا يستطيع قراءة البامفلت لكتابتها بالغة الإنكليزية أو باسلوب علمي أو لا يجدها إطلاقا وهو أن يسألني عن طبيعة هذا الدولء واستخداماته، وشفى الله الجميع من كل داء.